خصوصية الإنترنت مصدر قلق كبير للأفراد والمؤسسات على حد سواء. مع تزايد عدد التهديدات السيبرانية والمراقبة الحكومية ، من الضروري إيجاد طرق لحماية هويتنا على الإنترنت ومعلوماتنا الحساسة. إحدى هذه الطرق هي توجيه البصلي أو Onion Routing، وهي تقنية تمكن من الاتصال الآمن والمجهول عبر الإنترنت.
توجيه البصل هو تقنية للاتصال المشفر التي تعمل على إخفاء هوية المستخدم وموقعه وأنشطته عبر الإنترنت. يستمد اسمه من تشبيه طبقات التشفير المتعددة بطبقات البصلة. في جوهره، يعمل توجيه البصل على توجيه حركة البيانات عبر شبكة من الأجهزة المتطوعة، مما يجعل من الصعب للغاية تتبع مصدر الاتصال أو وجهته.
بدأت فكرة توجيه البصل في أواخر التسعينيات في مختبر أبحاث البحرية الأمريكية. كان الهدف الأولي هو حماية الاتصالات الحكومية، لكن سرعان ما أدرك الباحثون إمكانات هذه التقنية لحماية خصوصية عامة الناس. في عام 2002، تم إطلاق مشروع Tor (اختصار لـ “The Onion Router”)، مما جعل هذه التكنولوجيا متاحة للجمهور.
كيف يعمل الOnion Routing
إليك كيفية عملها خطوة بخطوة: عندما يرسل المستخدم رسالة، يقوم جهازه باختيار عدة عقد (موجهات) عشوائية من شبكة التوجيه البصلي. يتم تشفير الرسالة عدة مرات، بحيث تكون كل طبقة مرتبطة بإحدى العقد المختارة. تحتوي الطبقة الخارجية على تعليمات موجهة للعقدة الأولى، التي تقوم بفك تشفير هذه الطبقة لمعرفة إلى أين ترسل الرسالة التالية. تنتقل الرسالة بعد ذلك إلى العقدة الثانية، التي تفك تشفير طبقتها وتتابع تمرير الرسالة. تستمر هذه العملية حتى تصل الرسالة إلى الوجهة النهائية، حيث يتم فك التشفير الكامل للبيانات الأصلية.
هل بدى ذلك معقدا ؟ سأبسط عليك الأمور, تخيل أنك تريد إرسال رسالة سرية لصديق، لكنك لا تريد أن يعرف أحد أنها منك. لذلك، تضع رسالتك داخل الكثير من الصناديق، واحد داخل الآخر، مثل طبقات البصل.
كل صندوق يمكن فتحه فقط بواسطة صديق خاص يساعد في نقل الرسالة، لكنه يعرف فقط إلى أين يرسلها بعد ذلك، وليس من هو المرسل. وعندما تصل الرسالة إلى صديقك، يتم فتح جميع الطبقات، ويمكنه قراءة رسالتك دون أن يعرف أحد أنها منك! هكذا يحافظ توجيه البصل على أسرارك!
فوائد الOnion Routing
تتجلى أهمية توجيه البصل في الحفاظ على الخصوصية والأمان من خلال عدة جوانب رئيسية. أولاً، يحمي توجيه البصل هوية المستخدمين من المراقبة والتتبع، مما يمنع الجهات الخارجية من معرفة مصدر الرسائل أو وجهتها و هذه أهم نقطة لي و لك و لكل مستخم للأنترنت. كما يُستخدم لتجاوز الرقابة على الإنترنت في البلدان التي تفرض قيوداً على الوصول إلى المعلومات، مما يتيح للمستخدمين الوصول بحرية إلى المحتوى المحظور نعم مثل تقنية الVPN. بالإضافة إلى ذلك، يوفر توجيه البصل منصة آمنة للصحفيين والنشطاء للتواصل وتبادل المعلومات دون الخوف من التعرض للتجسس أو الاضطهاد. وأخيراً، يحمي المستخدمين من جمع البيانات لأغراض تجارية ومن تتبع الإعلانات، مما يساهم في تقليل استغلال بياناتهم الشخصية من قبل الشركات التجارية.
توجيه البصل مقابل التوجيه التقليدي
عند مقارنة توجيه البصل بطرق التوجيه التقليدية للإنترنت، يتضح الفرق في كيفية تعامل كل منهما مع مسار البيانات. في التوجيه التقليدي، يمكن تتبع مسار البيانات بسهولة نسبية، حيث تركز هذه الطريقة على الكفاءة والسرعة في نقل البيانات. أما توجيه البصل، فيعمل على إخفاء هذا المسار بشكل فعال، مما يجعل تتبع البيانات أمراً صعباً للغاية. على عكس التوجيه التقليدي الذي يضع الأداء والسرعة في المقدمة، يمنح توجيه البصل الأولوية للخصوصية والأمان، وهو ما يجعله الخيار الأفضل لمن يسعون لحماية هويتهم وبياناتهم أثناء استخدام الإنترنت.
مزايا وعيوب استخدام توجيه البصل للخصوصية
المزايا :
- عدم الكشف عن هويته: يحافظ توجيه البصل على خصوصية المرسل والمتلقي وعدم الكشف عن هويته.
- الأمن: يضمن نموذج التشفير الطبقات أن تظل الرسائل مشفرة طوال عملية الإرسال.
- اللامركزية: شبكات توجيه البصل لامركزية، مما يجعلها أكثر مقاومة للمراقبة والرقابة.
العيوب :
- سرعة بطيئة: يمكن أن يكون توجيه البصل أبطأ من توجيه الإنترنت التقليدي بسبب العقد المتعددة المشاركة في عملية الإرسال.
- كثيفة الموارد: يتطلب تشغيل عقدة توجيه البصل موارد كبيرة ، بما في ذلك عرض النطاق الترددي وقوة المعالجة.
نظرة عامة على شبكة تور
شبكة تور هي شبكة توجيه بصل لامركزية، تتكون من أكثر من 7000 عقدة في جميع أنحاء العالم. يستخدم Tor على نطاق واسع للتصفح المجهول والاتصال الآمن والوصول إلى مواقع .onion. في حال أردت معرفة المزيد عن إستخدام متصفح Tor تابع مقالة متصفح تور بين الخصوصية التامة و الوصول لكل شيء.